فرر…ر…..ر…..ر.
هكذا انطلقت صفّارة حكم السّاحة، معلنةً بدء المباراة.
الفريقان يركضان خلف الكرة، هذا يركل.. وذاك ينطح، هذا يحاور… وذاك ينطّط..
التّلاميذ يهتفون مشجّعين فريقي مدرستهم:
ـ اركل.. اركل، المرمى مفتوح.
ـ صفوان.. غطِّ الجناح الأيسر.
ـ طبّقوا مصيدة التسلّل.
المباراة حامية، فالفريق ذو اللباس الأحمر، يتميّز بلياقته وحسن مناورته، أمّا فريق اللباس الأزرق، فمعروف بهجماته السّريعة وقوّة تسديداته.
الكرة تنتقل من قدم لقدم، وحكم السّاحة يرافقها كظلّها.
فجأة.. وبينما كان سامر داخل منطقة الجزاء، يسدّد باتّجاه المرمى، اعترضه حمدي معرقلاً، فوقع سامر صائحاً:
ـ الحقوني… أحسّ ساقي كسرت.
صفّر حكم السّاحة، تفحّص ساق سامر فوجدها مصابة، مدّ يده إلى جيبه، وقبل أن يُخرج البطاقة أحسّ بتلبّك واضطراب، فاللاعب الذي ارتكب الخطأ هو زميله الذي يجلس معه في مقعد واحد.
كانت أصوات الجمهور تتعالى:
ـ بطاقة حمراء.
ـ ضربة جزاء..
وحمدي يقف أمام الحكم.. أمام صديقه ماجد، ينظر إليه نظرة توسّل وعطف
والجمهور ينادي:
-بطاقة حمراء.. بطاقة حمراء
ماجد يتذكر لحظات صداقته مع حمدي، الدراسة، اللعب، المناقشة و..
وأصوات الجمهور ما تزال تتعالى:
-جزاء.. جزاء.. جزاء..
ماجد ينظر إلى سامر الذي يتلوى من الألم، يحتقن وجهه يغمض عينيه، بينما تمسك أصابعه البطاقة بعصبية.
الزّمن يمضي.. الجوّ يتوترّ
حمدي يقترب من سامر .. يقبّله.
سامر يهدأ قليلاً..
حمدي يمسك بالكرة، يثبتها في المكان المخصّص لركلات الجزاء ويهرول خارجاً من الملعب.
ماجد يفتح عينيه رافعاً البطاقة الحمراء
حمدي على خطّ التماس
ماجد يركض نحوه معانقاً، الدّموع تنهمر من عينيهما
الجمهور يصفق
الجمهور ينسى الكرة
والملعب يزداد اخضراراً، متحوّلاً إلى ساحة محبّة.